ما زال عام 2020 يفاجئنا بالتغيرات التي يحملها بطياته يومًا بعد يوم. فإن كان العمل عن بعد موجود منذ بضع سنوات فقد ارتفعت نسبة عمالة الموارد البشرية فيه خاصةً هذا العام تزامنًا مع الإغلاقات الحاصلة في مختلف بلدان العالم التي تسببت بها جائحة فيروس كورونا. فعلى رأي المثل “ربّ ضارةٍ نافعة” فقد لوحظ وجود أثر إيجابي كبير على البيئة بسبب العمل عن بعد من خلال نتائج عدة دراسات تمت حول انخفاض نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة وحرق الوقود الناتج عن تنقلات الموظفين من وإلى أعمالهم. وكما قد سُجلت فوائد عدة سنتعرف عليها من خلال هذا المقال.
1) العمل عن بعد والمشاهد الطبيعية
تصدرت أخبار عديدة مواقع التواصل الإجتماعي في شهر نيسان عن رؤية مناظر طبيعية كانت قد حُجبت الرؤيا عنها بسبب تلوث الهواء، مثل ما نشرته CNN بالعربية عن رؤية جبال الهمالايا من ولاية بنجاب في الهند. فقد أورد الخبر نقلًا عن السكان أنهم لم يروا الهمالايا من نوافذهم منذ مئات السنين رغم قرب المسافة، فبفضل الحد من التنقلات الناتج عنه إيقاف استهلاك الوقود الأحفوري أصبح الأمر ممكنًا.
2) العمل عن بعد وانبعاثات الغازات الدفيئة
يتطلب العمل التقليدي خروج الأفراد من منازلهم إلى مقر العمل، وحتى وصولهم للمقر قد يرتحلون بواسطة إحدى وسائل النقل المتوفرة في منطقة سكنهم مما يزيد من نسبة إطلاق الغازات الدفيئة بأنواعها في الجو الناتجة خاصة عن عوادم السيارات وغيرها. ويقصد بالغازات الدفيئة بأنها مجموعة من الغازات الموجودة بنسب معينة في الطبيعة وتحافظ على درجة حرارة الأرض وتقيها من التجمد، لكن ارتفاع هذا النسب عما يجب أن تكون عليه بوضعها الطبيعي يؤدي إلى ظاهرة تعرف باسم “الاحتباس الحراري أو الاحترار العالمي”.
وقد صرحت كيت ليستر رئيسة منظمة تحليل مكان العمل بأنه لا يوجد طريقة مثلى للحد من انبعاثات الأفراد الكربونية مثل إيقاف التنقل عبر وسائل النقل فهي سريعة ورخيصة ويسهل تنفيذها.
وفي حادثة فريدة من نوعها سجل علماء ناسا تقلصًا شديدًا في ثقب الأوزون في فترة الحجر وتوقف المصانع عن العمل.
ومن الجدير بالذكر أن أنواع الغازات الدفيئة: بخار الماء والميثانCH4 وثاني أكسيد الكربونCO2 وأكسيد النيتروز N2O والأوزون O3 والكلوروفلوركاربون CFCs.
ويُذكر أيضًا أن غاز الكلوروفلوركاربون CFCs منع استعماله بتاتًا في معظم دول الاتحاد الأوروبي لأضراره الجسيمة على الغلاف الجوي وتسببه باتساع ثقب الأوزون، حيث كان يستعمل في التبريد.
3) العمل عن بعد ومخلفات المكاتب
ومن ناحية مشرقة أخرى، تقلصت استخدامات الأوراق والأحبار على وجه الخصوص من المكاتب؛ فبعد إغلاق الشركة يتوقف إهدار أكثر أهم الموارد الطبيعية “الورق” ويستعاض عنه من خلال إرسال واستقبال البريد الإلكتروني والرسائل النصية لتبادل الأخبار واستعمال حزمة أوفيس ومستندات جوجل رقميًا لتقديم الأعمال والعروض التقديمية.
وتقل أيضًا مخلفات الأطعمة وأغلفتها بمعنى أنه لعدم حضور الموظفين إلى مكان لا توجد توصيلات طعام بكميات كبيرة وبالتالي لا يوجد قمامة.
4) العمل عن بعد واستهلاك الطاقة
تستهلك الشركات بمكاتبها نسب عالية من الطاقة لسعيها لتوفير حاجيات موظفيها من الطاقة في مكاتبهم، إذ تصرفها على الإنارة والتدفئة والتكيف والغرف المجهزة بالوحدات المرئية والمسموعة التي بدورها تصرف قدر عالٍ من الطاقة.
فبعد انقطاع العمل عن موقعه الأصلي تم الحد من استهلاك هذه الكميات فإن البيانات أشارت لانكماش معدلات سحب طاقة الشركات بشكل محدد وأماكن العمل بنطاق أوسع. فاختفى داعِ عمل التدفئة والتبريد المركزي على مدار ساعات العمل والإنارة والحواسيب وغيرها.
كما أصبح الأفراد أكثر وعيًا في ترشيد استهلاك الطاقة فهم يتحكمون بفواتير الاستهلاك الخاصة بهم.
5) العمل عن بعد والوقود الأحفوري
ذاع صيت حرب البترول بين الدول المصدرة له وهوت أسعاره بصورة خيالية فوصل برميل خام غرب تكساس الوسيط لأقل سعر له خلال فترة الحجر التي تسبب بها كوفيد-19 إلى 37.63- دولار وذلك بسب توقف حركة النقل بشكل كلي تقريبًا برًا وبحرًا وجوًا فلم تعد توجد مساحات كافية لتخزين فائض النفط أو إمكانية لشرائه بسبب ما ذكر سابقًا، نقلًا عن الجزيرة .
ومع أن هذه الحادثة سببت انهيارًا اقتصاديًا في عالم الوقود الأحفوري إلا أن أثرها كان مُزهرًا على البيئة؛ انخفضت نسبت ملوثات البيئة الناجمة عن عوادم السيارات والمصانع التي تعتمد على الوقود في تغذية أعمالها.
كما استُحِدثًت طرق تقنية لتستبدل غاية السفر لعقد الاجتماعات حيث أصبحت تتم عن بعد بواسطة خاصية الفيديو عبر البرامج الرقمية مثل Zoom :و Microsoft teams و Skype.
6) العمل عن بعد والبلاستيك
يعد البلاستيك أحد أكثر المواد المهمة التي خرجت منها الثورة الصناعية فهو يستعمل بجميع مجالات الحياة اليومية والصناعية والزراعية كذلك، إلا أن سلبياته كبيرة وإن استبدل في البلاستيك الصديق للبيئة فهو غير موزع على نطاق واسع كحال البلاستيك غير القابل للتحلل.
فقد ساعد توجه العمل عن بعد على الحد من استهلاك البلاستيك بشكل كبير فلا يحتاج الناس إلى الخروج من منازلهم لشراء القهوة وغيرها من المشروبات في كوب بلاستيكي ويكتفون في صنعها في المنزل وسكبها في أحد أكواب المطبخ، ولا يخرجون من منازلهم لحمل حاجياتهم في أكياس بلاستيكية أو حتى لم يعد لهم طلب للمغلفات البلاستيكية لتغليف طعامهم حتى عودتهم من العمل فبات يؤكل الطعام ساخنًا.
ويُذكر بأن الشوارع والأرصفة وصلت أقصى درجات نظافتها لخلوها من مخلفات البشر خلال فترة الحجر.
كما قد طال تأثير العمل عن بعد الإيجابي نواحٍ أخرى غير بيئية ويمكن تضمينها في التالي:
-
توفير المال
-
قضاء وقت أطول مع العائلة
-
جدول عمل أكثر مرونة
-
تنمية مهارات الأفراد التكنولوجية
-
خفض تكاليف أصحاب العمل
-
ارتداء ملابس مريحة أكثر